هل تنتهي صدمات العلاقات القديمة بمجرد الابتعاد عن الشخص الذي سببها؟
أو بالابتعاد عن المكان الذي حصلت فيه؟
في الحقيقة إن الموضوع أعقد من ذلك، لأن العلاقات تترك آثارًا عميقة على الأشخاص وتؤثر في اختياراتهم ونظرتهم للأمور ورؤيتهم للواقع وللحياة بشكل عام.
يسميها العلم الحديث (كتلة الألم)، تلك الحالة التي تتكون بعد مجموعة من التجارب القاسية والخاذلة، إلى أن تنفجر يوماً ما في وجه صاحبها محدثة كثيراً من الأزمات النفسية والصحية، وتفسد عليه العلاقات الجميلة والحياة الواقعية التي يعيشها.
إنَّ الفقد، الخذلان، الترك، اليُتم، وتجارب الانفصال بين الوالدين أو للشخص نفسه أو لمن حوله، دوائر العنف والاستغلال، طرق الأذى ومفاهيم الصبر المغلوطة… كلها تؤدي شعور الإنسان أنه في مأزق حقيقي في حياته إجمالاً، وفي اختياراته على وجه الخصوص فيجد نفسه غير قادر على الاستمرار أو التراجع.
هناك عدة طرق يمكن أن تؤثر بها صدمات العلاقات على الاختيار الزوجي:
- نمط الارتباط:
تشكل صدمات العلاقات السابقة نمطًا معينًا للارتباط يؤثر على كيفية التفاعل مع الشريك الحالي أو الأزواج المتوقعين.
قد تظهر بعض الأنماط مثل الاتكالية الزائدة أو الابتعادية الشديدة أو الخوف من الالتزام.
هذه الأنماط قد تؤدي إلى اختيار شركاء غير صحيين أو تجنب العلاقات بالكامل.
يوضح ذلك بالتفصيل كتاب جميل بعنوان *علاقات خطرة* - الثقة بالنفس:
الإهمال أو الاعتداء الجسدي أو العاطفي قد تؤثر على ثقة الإنسان بنفسه وصورة الذات لديه.
من الممكن أن الشخص بعدم القدرة على اختيار الزوج المناسب، وقد ينظر لنفسه بأنه لايستحق الحب أساساً، وغالباً سينجذبون إلى أشخاص يعيدون تأكيد هذه المعتقدات السلبية. - تكرار الأنماط السلبية:
يميل الأشخاص الذين يعانون من صدمات في العلاقات السابقة إلى تكرار أنماط العلاقات السلبية في حياتهم الزوجية.
قد ينجذبون إلى شركاء يتشابهون بنوع الضرر الذي تعرضوا له في طفولتهم، أو يعكسون سلوكيات مشابهة لتلك الصدمات. - التأثير على التواصل العاطفي:
قد تؤثر صدمات العلاقات السابقة في القدرة على التواصل العاطفي الصحيح مع الزوج/الزوجة.
فالشخص قد يجد صعوبة في التعبير عن احتياجاته ومشاعره أو فهم احتياجات الشريك بطريقة صحية وفعالة.
من الجدير بالذكر أن هذه الآثار ليست دائمة، ولا تعني بالضرورة أن الشخص سيواجه صعوبات دائمة في الاختيار الزوجي.
ما هي الحلول والاحتياطات الواجبة لتفادي الوقوع في المشاكل الناتجة عن صدمات العلاقات السابقة؟
يجب على الإنسان أن يضع في أولى أولوياته رعاية نفسه في جميع جوانبها، وأن يعالج مشاكله الشخصية قبل الدخول في العلاقات، والعمل بشكل جدّي على النمو الشخصي والتطور العاطفي، و الاهتمام بالحوار المفتوح والصادق مع الشريك، والحصول على المشورة المهنية إن لزم الأمر.
كل هذه الأمور من الممكن أن تساعد في تجاوز تأثيرات صدمات العلاقات وتحقيق اختيارات زوجية صحية، ولكل مشكلة حل.
#أسماء_الجراد