الأسرة هي تلك العائلة النووية المتمثلة في الأم والأب وأبناءهما أو العائلة الممتدة المكونة من أقارب بالدم، أو ممن تربطهم صلة نسب أو احتضان أو حي متقارب.
وتجدر الإشارة إلى أن مصطلح “عائلة” في العلاج الأسري أو الاستشارة لا يعني بالضرورة أقارب الدم. في هذا السياق، فإن “الأسرة” هي أي شخص “يلعب دورًا داعمًا طويل المدى في حياة المرء، والذي قد لا يعني علاقات الدم أو أفراد الأسرة في نفس المنزل” (King ، 2017).
تؤثر العائلة منذ لحظاتنا الأولى على كل جانب من جوانب حياتنا، فتعطينا الهوية والنسب، وتحدد أحياناً من نكون ومن نصبح، وتسوقنا نحو الأفضل أو الأسوأ.
وهذا يؤكده قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ” كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ فأبواه يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه” صحيح البخاري
في العائلة نتعلم اللغة والعادات والتقاليد والطقوس والنظرة للحياة والظروف وقراءة الناس والتعامل معهم، ونتعلم أيضاً كيف نحب؟ وكيف نتفاعل مع أنفسنا؟ وكيف نتعامل مع الآخرين.
عندما نكون في عائلة صحية تعرف كيف تعاملنا، وكيف تقدمنا للحياة وكيف تدربنا عليها فإننا نكتسب هذه العلاقة الصحية في حياتنا المستقبلية فنعامل بها أنفسنا وأهلنا وأولادنا.
وإذا ولدنا في عائلة مضطربة فإننا نكافح من أجل التواصل مع أنفسنا ومن أجل التواصل مع الآخرين. وإذا كان ابتلاؤك في الحياة أن تولد في العائلة الثانية، فإنه ومن المحتمل جداً وليس بشكل ثابت، أنك تعاني من بعض الخلل الوظيفي من وقت إلى آخر، ومع ذلك فإن لكل منا طرقه الخاصة في البحث عن الكمال والسعادة والاستقرار.
من هذه الطرق المتوفرة حديثاً ما يسمى بالعلاج الأسري، وهو طريقة لتطوير العلاقات وتحسين الصحة النفسية الأسرية والحفاظ على الأسرة صحية وعملية.
ما هو العلاج الأسري / الإرشاد الأسري؟
العلاج الأسري أو الاستشارة الأسرية هو شكل من أشكال العلاج المصمم لمعالجة قضايا محددة تؤثر على صحة الأسرة وعملها. يمكن استخدامه لمساعدة الأسرة خلال فترة صعبة، أو تحول كبير، أو مشاكل الصحة العقلية أو السلوكية لدى أفراد الأسرة.
ينظر العلاج الأسري إلى مشاكل الأفراد في سياق الوحدة الأكبر، أي أنّ كل فرد في الأسرة هو جزء منها يؤثر عليها ويتأثر بها، وقد يجعله هذا يتدخل بصورة إيجابية تحسن علاقة الأفراد ببعضهم، أو يعمل بشكل سلبي يؤثر على تخريب علاقة الأفراد ويزيد مشكلاتهم.
يتدل العلاج الأسري في تدريب الأفراد على التعامل مع مشكلاتهم بطريقة صحيحة، وتدفعهم للتأثير على الآخرين بطريقة جيدة، ويستخدم لذلك تقنيات وتمارين من العلاج المعرفي أو العلاج السلوكي أو العلاج الشخصي أو أنواع أخرى من العلاج الفردي. كما هو الحال مع أنواع العلاج الأخرى، ستعتمد التقنيات المستخدمة على المشكلات المحددة التي يواجهها العميل أو العملاء.
يتعامل العلاج الأسري أيضاً مع المشكلات السلوكية أو العاطفية عند الأطفال وتعتبر هذه المشكلات من الأسباب الشائعة لزيارة معالج عائلي، لا تظهر مشكلات الأطفال من الفراغ، إنما تظهر بسبب المعاناة والضغط الأسري وبالتالي هم يحتاجون إلى المساعدة والمعالجة لضبط سلوكهم وتحسين أوضاعهم داخل الأسرة.
أشهر أنواع العلاج الأسري :
- العلاج بطريقة بوين:
يعتمد هذا النوع من العلاج على رسم خريطة للأسرة الممتدة ومعرفة الأعراض المشتركة فيها والتي أثرت على الأجيال وانتقلت لهم بالاكتساب أو الوراثة، ويفيد هذا العلاج في إشراك الأفراد غير الراغبين بالتواصل،
تم بناء العلاج بطريقة بوين على مفهومين أساسيين: التثليث (الميل الطبيعي للتنفيس أو الضيق من خلال التحدث إلى طرف ثالث) والتمايز (تعلم أن تصبح أقل تفاعلًا عاطفيًا في العلاقات الأسرية).
- الهيكلية : يركز العلاج الهيكلي على تعديل وتقوية نظام الأسرة لضمان سيطرة الوالدين وأن كلا من الأطفال والبالغين يضعون الحدود المناسبة. في هذا الشكل من العلاج يدخل المعالج إلى الأسرة من أجل المراقبة والتعلم وتعزيز قدرتها على مساعدة الأسرة على تقوية علاقاتها.
- النظامي : يشير النموذج الجهازي إلى نوع العلاج الذي يركز على الاتصالات والمعاني اللاواعية وراء سلوكيات أفراد الأسرة. المعالج في هذا النوع من العلاج محايد وبعيد، مما يسمح لأفراد الأسرة بالتعمق في قضاياهم ومشاكلهم كأسرة.
- الإستراتيجية : هذا النوع من العلاج أكثر إيجازًا ومباشرة من الأنواع الأخرى ، حيث يقوم المعالج بتخصيص واجبات منزلية للأسرة. يهدف هذا الواجب المنزلي إلى تغيير الطريقة التي يتفاعل بها أفراد الأسرة من خلال تقييم وتعديل الطريقة التي تتواصل بها الأسرة وتتخذ القرارات. يأخذ المعالج موقع القوة في هذا النوع من العلاج ، والذي يسمح لأفراد الأسرة الآخرين الذين قد لا يمتلكون عادة نفس القدر من القوة للتواصل بشكل أكثر فعالية.
ما هو مستشار الأسرة الذي تم تدريبه؟
الاستشارة هي معلومات مركزة ناتجة عن علم أكاديمي وخبرة عملية وعلمية مكتسبة، وتزداد الخبرة حسب التعمق في التخصص وعدد التجارب الناجحة التي يخوضها.
يتطلب أن يكون معالج الأسرة على قدر كبير من التدريب والتعليم الرسمي والحصول على الترخيص والقيام بالاختبارات التي تؤكد قدرته على أداء دوره بفعالية، المستشار الأسري يجب أن يدرك أنه يتحمل مسؤولية العلاج، وأنه يحدث فرقاً بالتعامل مع الحالات.
من أجل اكتساب المهارات اللازمة لأداء هذه الوظائف، عادةً ما يحصل معالج الأسرة على درجة البكالوريوس في الإرشاد أو علم النفس أو علم الاجتماع أو العمل الاجتماعي، تليها درجة الماجستير في الإرشاد أو الزواج والعلاج الأسري.
بعد ذلك، سيحتاج المعالج على الأرجح إلى إكمال عامين من التدريب تحت الإشراف بعد التخرج، وإلى مالا يقل عن 300 ساعة من الخبرة والمعالجة. عند استيفاء هذه المتطلبات، سيحتاج المعالج أيضًا على الأرجح إلى اجتياز اختبار الرخصة المهنية في علم النفس أو علم الاجتماع أو الخدمة الاجتماعية أو العلاج الأسري والزواجي، بالإضافة إلى إكمال دورات التعليم المستمر السنوية.
الزواج اختيار
المجالات التي يعالجها العلاج الأسري :
- المشاكل السلوكية لدى الأطفال والمراهقين.
- النزاعات الشخصية بين الأزواج أو العائلات.
- قضايا العنف الأسري والغضب.
- مشاكل الإنجاب والعقم.
- حالات الطلاق والانفصال.
- حالات المرض أو وفاة أو بطالة غير متوقعة.
- تطوير أو الحفاظ على علاقة صحية في أي مرحلة.
- مشاكل الصحة العقلية مثل الاكتئاب والقلق.
من أجل معالجة هذه المشاكل العائلية وغيرها، يجب على المعالجين:
- ملاحظة تفاعل الناس داخل الأسرة.
- تقييم وحل مشاكل العلاقة.
- تشخيص ومعالجة المشاكل النفسية في سياق الأسرة.
- توجيه العملاء خلال الأزمات الانتقالية مثل الوفاة أو الطلاق.
- إبراز الأنماط السلوكية والعلائقية الإشكالية.
- المساعدة في استبدال السلوكيات المضطربة ببدائل صحية.
- اتباع نهج شامل (العقل والجسد والروح والنفس) للوصول للعافية الكامل.
ما هو الهدف من العلاج الأسري؟
قبل أن نصحح العالم يجب علينا تصحيح أنفسنا، ويبدأ صلاح النفس من تنمية حياتنا الشخصية وإصلاح قلوبنا، وإصلاح أسرتنا الصغيرة.
- العلاج الأسري يعمل على حل أي مشاكل عقلية أو عاطفية أو نفسية تمزق الأسرة وتدمر كيانها
- تحسين التواصل وحل المشكلات الأسرية وفهم المواقف الأسرية والتعامل معها وخلق بيئة منزلية تعمل بشكل أفضل (Family Therapy، 2017A).
- هناك العديد من أشكال الاستشارة التي نحتاجها يوميا لأنه لا يمكن لشخص واحد أن يحيط بكافة العلوم والتخصصات، المعالج يضع يده على الخلل الحاصل في الأسرة من منظور محايد.
- الاستشارة توفر عليك وقتاً وجهداً طويل للتعلم وتختصر عليك التجارب الفاشلة للتعلم بمفردك والوصول للقرار أو الحل الصحيح، يساعدك أيضا في وضع خطة عمل ومنهجية لحل مشاكلك التي تواجهها.
بعض الحالات التي يساعد في إصلاحها المعالج الأسري :
- الاستشارة الشخصية:
يطلب استشارة تخص حياته الشخصية وتطوير شخصيته وثقته بنفسه وتغيير جزء من حياته والتخلص من بعض العيوب، ودائمًا ما يحاول الوصول إليها مع أقرب الناس إليه، وتتضمن استشارات تعليمية وهي خاصة بالتعليم، واستشارت اجتماعية وتربوية كالعلاقات مع الأقارب والأصدقاء والأبناء وفي التعامل مع بعض المشاكل التربوية الخاصة بالأبناء.
- استشارات زوجية:
وقد تكون قبل فترة الزواج، وتكون للشباب والبنات في الاختيار ومشاكل الخطوبة والتأهيل للزواج.
وخلال الزواج والمعاملات بين الزوجين وتطوير العلاقة.
وبعد انتهاء الزواج بالطلاق أو الوفاة حيث يساعد العلاج الأسري في إنهاء الزواج بطريقة حضارية وتأهيل الأبناء لمرحلة ما بعد الزواج والتعامل مع غياب الأبوين وفراق أحد الأقارب ..
- استشارات عاطفية:
وهي الاستشارات المتعلقة بالعاطفة والحب وغيرها.
- استشارات العمل:
وهي استشارات لمن يواجه بعض الصعوبات في محيط العمل، مع الإدارة والأصدقاء والموظفين ..
- استشارات لمساعدة أهل المريض:
يهتم المعالج الأسري بدور الأسرة في دعم ذوي المريض سواء المرض المزمن العادي كمرضى السكري والضغط والمشاكل النفسية والإعاقات.
وقد يعاني أحد أفراد الأسرة من الفصام أو الذهان الشديد أو الوسواس القهري : الهدف هو مساعدة أفراد الأسرة الآخرين على فهم الاضطراب والتكيف مع التغيرات النفسية التي قد يمر بها المريض ؛
أما الاستشارات النفسية التي تعالج الأمراض النفسية أو الاضطرابات كالفصام والهوس والوسواس القهري، فليست من ضمن مجالات المعالج الأسري إلا في حال كان متخصصا في علم النفس بالتوازي ويحمل شهادة في العلاج النفسي.
ومن المشاكل أيضاً:
- المشاكل الناشئة عن الحدود بين الأجيال، مثل عندما يشترك الآباء في المنزل مع الأجداد ، أو عندما يتم تربية الأطفال من قبل الأجداد : الهدف هو تحسين التواصل ومساعدة أفراد الأسرة على وضع حدود صحية.
- العائلات التي تنحرف عن الأعراف الاجتماعية (الآباء غير المتزوجين، والأزواج المنفصلين الذين يربون الأطفال، وغير ذلك) : لا تتمثل الأهداف هنا دائمًا في معالجة أي مشاكل داخلية محددة ، ولكن قد يحتاج أفراد الأسرة إلى المساعدة في التعامل مع العوامل الخارجية مثل المواقف المجتمعية ؛
- أفراد الأسرة الذين ينتمون إلى خلفيات عرقية أو ثقافية أو دينية مختلطة: الهدف هو مساعدة أفراد الأسرة على زيادة فهمهم لبعضهم البعض وتطوير علاقات صحية.
- ملاحظة كبش فداء أحد الأعضاء أو تقويض علاجه في العلاج الفردي: عندما يعاني أحد أفراد الأسرة من الشعور بأنه منبوذ أو يتلقى دعمًا محدودًا من أفراد الأسرة الآخرين، فإن الهدف هو تسهيل زيادة التعاطف والتفهم للفرد داخل أسرته و تقديم الدعم لهم لمواصلة العلاج.
- تبدو مشاكل المريض مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمشاكل مع أفراد الأسرة الآخرين: في الحالات التي تكون فيها المشكلة أو المشاكل متجذرة بعمق في مشاكل مع أفراد الأسرة الآخرين، فإن الهدف هو معالجة كل من القضايا المساهمة وحل أو التخفيف من آثار هذا النمط من مشاكل؛
- عائلة مختلطة (تعددية أو تشاركية) : يمكن أن تعاني العائلات المتعددة (وجود زواج أكثر من امرأة، أو سكن أحد والدي الزوجين أو أقاربهم) من مشاكل خاصة بحالاتهم. في العائلات المختلطة، يتمثل الهدف من العلاج الأسري في تعزيز التفاهم وتسهيل التفاعلات الصحية بين أفراد الأسرة.
يمكنكم تحميل دليل اختيار الزوجين من هنا
ما هي فوائد العلاج الأسري؟
لقد أثبت هذا النهج الأكثر شمولية في معالجة المشكلات داخل الأسرة أنه فعال للغاية في كثير من الحالات. في العلاج الأسري ، يمكن للعائلات العمل على حل مشاكلهم بتوجيه من أخصائي الصحة العقلية في بيئة آمنة وخاضعة للرقابة.
تشمل فوائد العلاج الأسري ما يلي:
- فهم أفضل للحدود الصحية وأنماط الأسرة وديناميكياتها.
- تحسين الاتصال.
- تحسين حل المشكلات.
- تعاطف أعمق
- تقليل الصراع وتحسين مهارات إدارة الغضب.
يعزز العلاج الأسري المهارات المطلوبة لأداء الأسرة بشكل صحي ، بما في ذلك التواصل وحل النزاعات وحل المشكلات. كما أن تحسين هذه المهارات يزيد من احتمالية النجاح في التغلب على المشكلات الأسرية ومعالجتها.
في العلاج الأسري، ينصب التركيز على تزويد جميع أفراد الأسرة بالأدوات التي يحتاجونها لتسهيل الشفاء.
كتب متخصصة في العلاج الأسري:
هذه كتب ممتازة لأي شخص يرغب في معرفة المزيد حول العلاج الأسري والزوجي، وهي وسيلة لتعلم كيفية الحفاظ على علاقات أسرية صحية والتواصل بشكل فعال، والعمل بشكل متعاون لحل مشاكل الأسرة.
- العلاقات الأسرية بين النظرية والتطبيق، د: زينب محمد حقي، د: نادية حسن أبو سكينة.
- العلاج الأسري. فيرجينا ساتير
- الخدمة الاجتماعية الأسرية، د: عبد الناصر عوض أحمد جبل.
- كتاب النظرية والتطبيق في الإرشاد والعلاج النفسي، ترجمة سامح وديع الخفش.
الخاتمة:
العلاج الأسري فريد من نوعه، لأنه ينظر للمشكلات من منظور أوسع وبطريقة أعمق يزيل المشاكل من جذورها..
آمل أن تجد هذه المعلومات مفيدة سواء كنت مهتمًا بالتعامل مع معالج أسري، أو أن تصبح معالجًا أسري، أو مجرد معرفة المزيد عن العلاج الأسري.
يمكنكم حجز استشارة مع المعالجة الأسرية أ. أسماء الجراد من هنا
وإذا كنت قد شاركت من قبل في العلاج الأسري أو إذا كنت قد مارست العلاج الأسري في عملك كمتخصص في الصحة النفسية الأسرية، فنحن نحب أن نسمع عن تجاربك في التعليقات.
هل وجدت أن الانخراط في العلاج الأسري مفيد؟
#أسماء_الجراد
بارك الله الجهود