المرض النفسي
يعرف المرض النفسي، الذي يُطلَق عليه أيضًا اضطرابات الصحة العقلية، إلى مجموعة كبيرة من أمراض الصحة النفسية ، وهي اضطرابات تؤثر على مزاجك وتفكيرك وسلوكك. من أمثلة الأمراض النفسية: الاكتئاب، واضطرابات القلق، والفصام، واضطراب الشهية والسلوكيات التي تسبِّب الإدمان.
المرض النفسي أشد ألمًا على المريض وأشد قسوة على أحبابه من الموت، ولعل أفضل وصف قابلته عن ذلك وصف الكاتبة «إيمان مرسال» في رائعتها «كيف تلتئم: عن الأمومة وأشباحها»، حيث قالت:
الموت أرحم من المرض النفسي، أنت لا تستطيع أن تمتلك ذكرى شخص يفقد علاقته بالعالم أمامك يومًا بعد يوم.
الاكتئاب أحد أشهر وأخطر الأمراض النفسية الفتّاكة التي تقتل المرء يومًا بعد يوم بلا رحمة ولا رأفة. الاكتئاب يتغلغل للمرء بكل هدوء وربما بدون أسباب واضحة، حتى يتمكن منه ويُسقِطه أرضًا بلا قوة وربما بلا إرادة، ويظل يتغذى على ضحيته لشهور وربما لسنوات.
إلى كل قارئ يمر باكتئاب:
دعني أخبرك عما تمر به بدايةً:
تحدث مشاكل النوم بشكل شائع مع الاكتئاب،
لن تستطيع النوم من الأرق والتفكير… وإن نمت ستنام قليلًا، قد يُعاني مُعظم مرضى الاكتئاب من صعوبة النوم ويستيقظون في أثناء النوم بشكلٍ متكرِّر، خُصوصًا في الصباح الباكر.ينام بعض مرضى الاكتئاب لفترة أطول من المُعتَاد.
– قد لا تستطيع الاستيقاظ أو النهوض من السرير، وربما لا تريد الاستيقاظ من الأساس.
– تستيقظ وتتمنى لو لم تستيقظ، تشعر كأنك بلا إرادة، لا تجد مخرجًا، لا تجد معنى لشيء. تشعر أنه لا أمل أبدًا، تشعر بالوحدة والانفصال والخزي وانعدام الجدوى والفراغ الداخلي. ستشعر بالحزن فلا تسعد بشيء، تشعر بالوحدة فلا تأنس بأحد، ستجد أنك متعب لا تقوى على فعل أبسط الأمور، ضعيف لا طاقة لك، تشعر بالفشل فلا تستطيع أن تنجز شيئًا، العجز، الإرهاق، الخوف مما تعلم ومما لا تعلم، تشعر بالتعب والإعياء طوال الوقت، تشعر أنه لا يمكنك فعل أي شيء، تشعر أنه لا أحد يستطيع فهمك.
أخيرًا قد يزيد التفكير بالانتحار طوال الوقت، وكأنه الحل الوحيد!
الخلاصة تشعر كأنك تغرق كل يوم، كل هذه المشاعر يشعر بها من يمر باكتئاب. نحاول الخروج منها مرارًا لكن لا تُسعِفنا طاقتنا، ومع وحدتنا وانعزالنا نكون أكثر ضعفًا.
لكن هناك بشارة …
الألم يزول مهما طالت مدته، لكن ذلك يحتاج منك لقليل من العمل وكثير من الأمل، ومحاولة البحث عن المعنى وسط كل ما يحدث.
يقول دكتور «فيكتور فرانكل» مؤسس «مدرسة العلاج بالمعنى»:
المعنى يمكن إيجاده تحت أي ظرف من ظروف الحياة، حتى في أسوأ الظروف الممكنة.
ما السبيل للتعافي؟
أسباب التعافي كثيرة ومختلفة، وما ينفعك قد لا ينفع غيرك والعكس صحيح، لذلك خذْ ما ينفعك ويناسبك منها واترك ما لا يناسبك.
غير أن هناك طلبًا واحدًا يجب أن تدركه بوضوح وهو: الاستمرار في المحاولة والسعي، ولو بقدر بسيط في أحلك/أسوأ الأوقات، ولا تستصغر عملًا، فتراكم الأعمال الصغيرة يصنع فارقًا كبيرًا، وابحث عن هذا كثيرًا، وأشهر مثال «أثر الفراشة»… فلنبدأ:
- الوعي بالمشكلة وأسبابها أول خطوات النجاة: وعي بالذات، ووعي بالمحيط بي، ووعي بالمشكلات وتفكيكها وصولًا لجذورها وأسبابها الأولى، هذا يُسهِّل كثيرًا في حل المشكلة. يساعدك ويساعد من حولك على مساعدتك بكل تأكيد. وغالبًا ما ستحتاج لمُتخصص يساعدك في هذا، خصوصًا إذا كانت شدة اكتئابك متوسطة أو حادة.
شيئان مهمان تؤكدهما عالمة النفس الشهيرة ومؤسسة «مدرسة العلاج السلوكي الجدلي» Dialectical behavior therapy «مارشا لينهان»، لحصول التعافي وهما:
- قبول الحياة كما هي، ليس كيف من المفترض أن تكون.
- والشعور بالحاجة إلى التغيير، على الرغم من قبول الواقع.
وقبول الواقع يعني التسليم بحدوثه -أنه حدث بالفعل وأصبح واقعًا- مع التعامل معه لا الاستسلام له والبكاء عليه والعيش كضحية مستمرًا في معاناتك.
والشعور بالحاجة إلى التغيير يعني شعورك وحاجتك للتغيير بصدق مع السعي لتحقيق ذلك.لا تترك نفسك وحيدًا مهما كلّفك الأمر من مشقة. يُقال عندما يكون المرء وحيدًا، تتزايد الأشياء التي تتمكن من هزمه.
ساعد الناس يساعدونك، اسمح لهم بذلك، شاركهم واشرح لهم ما تشعر به وما تمر به أو يمر بك، كن صريحًا وصادقًا معهم ولا حاجة لأن أقول: كن صادقاً مع نفسك قبل أي شيء. - ضع نفسك في أول قائمة أولوياتك، اهتم بنفسك ولا تتهرب منها ولا تساعد الناس في ظل تعبك وإرهاقك، اجعل وقت وجود الطاقة لديك لأجلك أنت، هذه هي الأولوية الآن.
- تعلّم المهارات الحياتية وطبّقها متى احتجت إليها ومتى استطعت تطبيقها، حبّذا لو مهارات تساعد في حل مشكلاتك الموجودة بالفعل.
- من المهم جدًا طلب المساعدة من متخصص أمين تبوح له بما يُثقلك ويثقل خُطاك، هذه من أهم الأمور المهمة المُعيِنة على التعافي. فوجود شخص أمين لا يحكم عليك ويسمعك بإنصات وهدفه في الوقت الذي يقضيه معك كله مصلحتك أنت، أمر نافع جدًا وله ثماره المحققة إن شاء الله. مع الانتباه لجملة مهمة تُنسب لـ سيجموند فرويد: «إن دور المعالج النفسي أن يأخذ العميل من الحزن/الألم المرضي إلى الحزن والكآبة البشرية العادية». لذا لا تتوقع أكثر من اللازم، ولا تتوقع أن المُعالِج النفسي لديه عصا سحرية.
- خطة علاجية واضحة ترتكز على المرونة والواقعية، تضعها مع المعالج.
- السعي والمحاولة المستمرة، الصدق والدعاء والتضرع لله. والحركة البطيئة الصغيرة خير من الوقوف مكانك، فالوقوف مكانك لا يجعل التعافي أمرًا مستحيلًا، لكن من المؤكد أنه يُضعِّفك أكثر ويجعل عملية التعافي أكثر صعوبة ومشقة.
- من الأمور المهمة أيضًا والتي ثَبُتت أهميتها وجدواها، ممارسة الرياضة بانتظام، بالقدر الذي تستطيع، بشرط ألا يقل عن ساعتين أسبوعيًا.
- أحياناً، قد تحتاج بعض الحالات لتناول الدواء، لاتخش الدواء ، قد يكون ضرورياً لانتشالك من الأزمة وخلق شعور إيجابي جيد تبدأ منه، الدواء النفسي يشبه إلى حد ما الأنسولين قد تحتاج معه إلى الحمية والعمل وقد تضطر لاستخدامه طول العمر. الحمد لله على نعمة توفر الدواء فهي تساعد في بعض الحالات بشكل كبير.
أخيراً؛
ندعو لك بالتعافي والنجاة والطمأنينة والسلام والحب والحياة. فالاكتئاب اضطراب حقيقي وشائع وهو السبب الأول للإعاقة والعجز الوظيفي واعتلال الصحة… لا تستهن به.
#إسلام_زينهم
شكرا على هذا المقال، وافي وصادق ومختصر، من أفضل ما طُرح من أجل توجيه وتنبيه من يعاني منه ليعي حقيقة أمره وما يجب عليه فعله
أرجو تقديم مقالا ت مشابهة عن بقية الحالات النفسية التي من الممكن ان تكون شائعه ومبهمة
إن شاء الله تعالى ..