التعامل مع الزوج/ الزوجة القلق
قد يكونُ من الصعبِ فهمُ مشكلةِ القلق لدى أحد الزوجين إنْ لم تكن هناك مدة تعارفٍ كافيةٍ وجانبٍ من الوعي النفسي عند الزوجين.
الأمر الذي قد يفسّرُ غالباً بأنه مشكلة (نكد/ تذمر/ كثير الخوف/ مزعج)، وبالتالي فهو يعيق حل المشكلة إن لم يصل أحدهما أو كلاهما للوعي وجذر المشكلة الرئيسية..
القلق ونظرية التعلق:
في البداية علينا أن نفهم الجذر المسبب للقلق عبر نظرة لإحدى النظريات الشهيرة في علم النفس وتدعى نظرية التعلق والتي يعود تاريخها إلى عام 1950.
حسب ما يرى الطبيب والمحلل النفسي جون بولبي ، فإن “علاقة الطفل المبكرة مع مقدمي الرعاية تشكل الطريقة التي سيتعامل بها هذا الطفل مع التفاعلات والعلاقات الاجتماعية طوال الحياة”.
بمعنى أن الطفل عندما ينشأ فإنه يكون روابط اجتماعية مع مقدمي الرعاية (الوالدين) فإذا حدث ذلك يبدأ برمجة دماغ الطفل في تكوين تصور للتفاعلات الاجتماعية.
فإذا نشأ في بيئة دافئة وراعية حيث يقدم الوالدان احتياجات الطفل العاطفية، من اهتمام وحب ورعاية وانسجام فإن ذلك يشكل رابطة آمنة تسمى (الارتباط الآمن)
وبالتالي يتعلم الطفل بشكل غير مباشر، أنه سيتم التعرف على عواطفه واحتياجاته، وسيتم دعمه ومحبته فينشأ ولديه الوثوق بالناس بشكل عام.
وعلى العكس من ذلك، عندما يدرك الطفل أن احتياجاته لم يتم تلبيتها، لا يكون الطفل قادرا على بناء رابطة آمنة ومستقرة مع مقدمي الرعاية. بالتالي هذا يؤدي إلى تصور مشوه لكيفية عمل العلاقات.
ثلاثة أنواع من التعلق غير الآمن عند الأزواج:
- قلق (يعرف أيضا باسم الانشغال)
- متجنب (المعروف أيضا باسم رافض)
- غير منظم (يعرف أيضا باسم خائف)
*قد يكون وجود نمط مرفق غير آمن أمراً متعباً. قد تشعر وكأنك في أفعوانية عاطفية طوال الوقت.*
قد يسبب القلق والتوتر والتعاسة وانخفاض الرضا عن الحياة. عندما يتعلق الأمر بالأزواج الذين لديهم أنماط تعلق قلقة، فقد تكون العلاقات “منقذة للحياة” و “مهددة للحياة”.
في كثير من العلاقات ينتج الخوف من أن نكون وحدنا أو أن يتم رفضنا مثل السم – شعور مزعج، والذي يؤدي إلى الشك والقلق المستمر. من جهة أخرى، فإن وجود الشخص المحبوب، والأهم من ذلك، إظهار المودة هو العلاج.
عندما يبدأ الفرد تفعيل (القلق غير الآمن) بشأن مكانته في العلاقة، وإذا كان شريكه يحبه بقدر محبته له، فإن أدنى خيبة أمل أو علامة على الرفض من الشريك يمكن أن تكون مضرة باحترام الذات المنخفضة أصلاً.
علامات التعلق القلق:
كيف تكتشف مما إذا كان أحدكما لديه (ارتباط قلق) في العلاقات؟
إذا كنت تتساءل عما إذا كان لديك (أو لدى شريكك) أسلوب تعلق قلق، فإن علامات الارتباط القلق في العلاقات تشمل:
• أن تكون متناغماً وحساساً لاحتياجات شريكك.
• إعطاء الأولوية لاحتياجات الشريك على احتياجاتك.
• السعي للتحقق من الصحة والتأكيد على أنك محبوب وجدير و “جيد بما فيه الكفاية”.
• الانتباه المفرط تجاه أي تهديدات للعلاقة.
• الخوف من الرفض والهجر.
• الغيرة والشك في تصرفات شريكك.
• التشبث وضعف الإحساس بالحدود.
• صعوبة في التعبير عن مشاعرك الشديدة أو فهمها.
• القلق أو القلق المفرط.
يمكن أن تتسبب قضايا علاقة التعلق القلق الدمار لحياة المرء العاطفية. يمكن أن تؤدي سمات أسلوب التعلق هذا إلى استراتيجيات تجنبية لدى الشريك وتتسبب في انسحابه من العلاقة.
لماذا يتصرف الشركاء القلقون بالطريقة التي يتصرفون بها؟
يعتقد الشخص الذي لديه أسلوب التعلق القلق أنه بمجرد أن يتعرف الناس على حقيقتهم فإنهم سيفقدون الاهتمام بهم ويرفضونهم. لذلك فإن تدني احترام الذات يجعله يعتقد بأنه ليس كافياً للاحتفاظ باهتمام الزوج على المدى الطويل.
السبب غالباً ليس منك، تذكر دائماً أن التصرف الذي يقوم به متجذر في طفولته التي علمته أن نفسه واحتياجاته غير مهمة، لذلك يتوقع أن يستمر هذا النمط في علاقاتهم لذلك يفعلون كل مافي وسعهم لمنعه.
كيف أتعامل مع الزوج/ الزوجة للتغلب على أسلوب القلق في العلاقة؟
- التثقيف الذاتي:
تعلم أكثر حول أنماط التعلق وما يحركها وما يؤثر عليها من الأفكار والأفعال، ومحاولة تعلم أفضل الاستراتيجيات للتعامل مع أسلوبه القلق. - حاول اختيار شريك بنمط مرفق آمن:
قد يكون هذا الخيار أسهل قولاً من فعله، خاصة لو كنت متزوج بالفعل، مع ذلك، يمكن للشخص الذي يتمتع بأسلوب ارتباط آمن أن يساعد الشخص القلق على تنظيم عواطفه بشكل فعال، ويساعده على الشعور بالأمان في العلاقة بشكل عام، هناك كثير من السمات المنبهة لأسلوب التعلق عند بدء الارتباط بشخص جديد. - التواصل:
قد يحاول الشخص الذي لديه تعلق قلق إدارة مشاعره السلبية من خلال الغضب أو الغيرة أو محاولة التمسك بالعلاقة بطريقة خاطئة كالملاحقة والتهديد والتصعيد غير المبرر لبعض السلوكيات. قد تساعد شريكك على فهم منظور التعلق القلق دون أن تفسد العلاقة.
بالإضافة لما سبق، يجب أن تحاول أيضا توصيل احتياجاتك إلى شريكك، حيث قد تكون معتادا على إعطاء الأولوية لاحتياجات الآخرين على احتياجاتك. - حدد العواطف والاحتياجات التي تريدها بدقة:
قد تساعدك المذكرات والدفاتر اليومية للتخلص من مشاعرك، والتعرف على أنماط متكررة في أفكارك وأفعالك.
قد يساعدك رسم خرائط الجسم أو تأمل مسح الجسم في تحديد المكان الذي تحتفظ فيه بمشاعرك في جسمك. - التهدئة الذاتية:
ذكر نفسك دوماً في داخل العلاقة بأنك لست السبب في شعور زوجك بالقلق، وأنّ عليك وضع بعض الحدود والطرق الداعمة لمساعدته على التحول إلى نمط آمن، هذا الأمر ليس مستحيلاً عندما يكون الشريك داعم ودافئ ومحب ويقدم المساعدة دون شخصنة للأحداث والمواقف التي يمر بها. - العلاج:
عندما لا تتمكن من فهم سمة القلق، أو تتبع القلق في أفكارك وسلوكك، أو فهم كيف يمكنك التخفف من القلق لدى زوجك، فيمكن أن يساعد العلاج الأسري في تحديد المشاكل في طفولتك المبكرة وعلاقاتك الحالية، وتشكيل مخطط جديد للعلاقات الصحية.