اختلاف الصداقة قبل الزواج وبعده

“منذ أن تزوجت صديقتنا لم نعد نراها، نحن صديقاتها العازبات، فقدنا التواصل معها، وبدأت تشعر بأنها مختلفة، تغيرت رغباتها واهتماماتها كثيراً، حتى كأننا لم نعرفها يوماً”

هذه الحالة متكررة جداً في الأوساط النسائية، ولربما وجدت بشكل ما في عالم الشباب، حيث يتلاقى الشباب المتزوج مع أصحابه المتزوجين، وتربطهم علاقات جديدة ومختلفة خصوصاً حينما تتعارف الزوجات، وتكون لهما هوايات ومهارات واهتمامات مشتركة، ربما ينجبون معاً فيكون بينهما صداقات ممتدة إلى الأطفال.

فما شكل الصداقة بعد الزواج؟ وكيف تختلف ولماذا؟

عند شرح فكرة الصداقة فإننا يجب علينا أولاً معرفة الفرق بين الصديق المقرب، والزميل، والمعرفة السطحية العامة.

فنجد بعض الناس منفتح على الجميع، ويتشارك مع الجميع خصوصياته واهتماماته، حتى لا يكن بينهم حواجز وحدود. ونجد البعض الآخر منغلق على نفسه، يضع قائمة شروط طويلة للصديق الذي يريد التعرف عليه، وينبش في ماضيه وحاضره كأنه سيصاهره.

أنواع الأصدقاء ومراتبهم:

الأول صديق منفعة: 

وهو الذي يصادقك مادام منتفعٌ منك بمال، أو جاه، أو مصلحة، فإذا انقطع انتفاعه انتهت علاقته فلا يعود لمعرفتك ولا يهتم بك.

وقد نفعل هذا مع بعض من نعرفهم فلا يسعنا مصادقة كل من احتجناه يوماً أو كل من جمعتنا أسباب أو ظروف. بل هم أصدقاء مرحلة إن انقضت رحلت. من المهم أن نقبل ونتقبل هذا النوع من الأصدقاء، فلا نحزن إذا فارقونا ولا نغضب إن تركونا، فمرورنا في حياتهم لأجل هدف ما، لتحقيق غاية، لعبور جسر لم نكن قادرين على عبوره بمفردنا، لتعلم فكرة لم نتعلمها لولاهم، ولدفع ضرر كان لهم يد في رده، وقد نكون لهم كذلك دون أن يكونوا لنا كما نحب ونتمنى، حيث يوشكون أن يغادرونا مع حاجتهم أو نغادر بعد انقضاء حاجتنا..

وأتمثل في هذا قول الشاعر /

واذكر فضائل صنع الله إذ جعلت

إليك لا لك عند الناس حاجات

الثاني صديق لذة: 

أي أنه يصاحبك ليتمتع بقربك، ويستأنس بحديثك، ويتسامر معك ويتسلى في فراغه، ﻭلكنك لن تنتفع ﻣﻨﻪ بمعروف، فلا يشدُّ لك ظهراً، ولايسندك في ضائقة، ولا يهتم لأمرك أو يستاء لحزنك إن حلت بك نازلة.

ﻫﺬﺍ النوع من الصداقة مفيد في الترفيه والمرح وأوقات المتع والفرح، ولكن احذر من هذا الصديق ﺃﻥ ﻳﻀﻴﻊ ﺃﻭﻗﺎﺗﻚ وأن يجرك لعالمه، أو يبدد أموالك في البحث عن المتع والهوايات والمبهجات.

الثالث صديق فضيلة: 

ﻳﺤﻤﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﻦ ﻭﻳﻨﻬﺎﻙ عما ﻳﺸﻴﻦ، ﻭﻳﻔﺘﺢ ﻟﻚ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﻳﺪﻟﻚ ﻋﻠﻴها، ﻭينهاك عن الشر ويحذرك منه، وينصحك نصحاً لايخدش لك به كرامة، ولا يكشف لك به ستراً، ويحنو عليك في مرضك، ويبكي معك في وجعك، ويدخل السرور على قلبك في فرحك، ويشاركك في كل حالاته، في أفراحه قبل أتراحه.
 
وبين هذه الأصناف العديد من الأصدقاء، الذين يرغبون بتملك أصدقائهم، ويحصرون علاقاتهم في شخوص محدودة، أو ينزوون عن المجتمع لأنهم لم يجدوا من يشبههم، ولم يعثروا على من تزيدهم معرفته ولا تنقصهم.
 

الصداقة بعد الزواج:

من المعروف اختلاف شكل الصداقة بعد الزواج، فتغير الاهتمام والأفكار وطرق التعامل والتواصل والظروف يدفع لتغيير دائرة المعارف ونوعية الأصدقاء، وهذا لا يعني أن أصدقاء المرحلة السابقة باتوا سيئين، أو ينبغي استبدالهم بعد الزواج.

ومن الطبيعي أن تنشغل الفتاة المتزوجة بحياتها الجديدة و تتغير طباعها وأفكارها تبعاً للبيئة الجديدة التي ارتبطت بها، فتقترب ممن يشبهون واقعها بشكل أكبر، فنجدها إن كانت عروس تبحث عن المتزوجات حديثاً فلهن تشابه بالأحاديث والاهتمامات.

وكذلك الأم التي لديها أطفال فهي تبحث غالباً عن صديقات لديهن أطفال بعمر أبناءها أو بمثل جنسهن وهكذا.

فلا ينبغي علينا لوم المتزوجين الجدد أو الآباء الجدد لانشغالهم عن صداقاتهم القديمة مع فئة جديدة مختلفة في الهموم والأفكار والواقع.

ومع ذلك تعتبر هذه الصداقات المتشابهة داعمة ومساندة إذا كان فيها وعي وعلم ومعرفة وهي من أهم وسائل التطوير الذاتي والنفسي والتأهيلي لكل مرحلة جديدة من مراحل الحياة.

حتى أهالي الظروف المتشابهة مثلا ( التوحد، داون، الأقليات، المسلمات في بلد غربي، المغتربين في بلد ما) نجد لهم اجتماعات خاصة للحديث حول هذه الظروف والتوعية والتشارك والتآزر والدعم والتدريب.

لذا من المهم أن نحرص على تكوين مثل هذه المجموعات والتي سيكون تأثيرها عميقا عليك وعلى عائلتك.

أذكر بأن التقليد سيشمل الأزواج أيضا والذين نجدهم يتأثرون بتصرفات بعضهم وعلاقتهم مع عائلاتهم ويتناصحون فيما بينهم.

الصداقة متغيرة، ففي كل مرحلة سيتغير أصدقاءك، وفي كل نازلة تتعرف على غيرهم، هناك من يكون لك عوناً ومن يكون لك جرحاً ..

حق اختيار الزوجين لأصدقائهما: 

من حق الزوجين أن يختار كل منهما صاحباً وصديقاً، يشاركه مايحب ويألفه ويأنس به. ولكن علينا أن نقف قبل ذلك وقفة جادة لتفصيل هذا الأمر:

بعض الناس أصدقائه تقديساً يفوق الحد الطبيعي للعلاقات، فهو يفضلهم على أسرته، ويميل لهم دون غيرهم من الناس، ويؤثرهم على نفسه وعياله، ويكرمهم ويعطيهم مسبباً تقصيراً شديداً في وظيفته الأسرية.

فارتباطاته معهم كثير، وماتحمله تبعات هذه الارتباطات مرهق للأسرة ومكلف عليها.

– وبعض الناس شديد التأثر بأصدقائه، فيقلدهم فيما يفعلونه، ويطبق كل مايراه وما ينصحونه به، ويقارن نفسه وزوجته وعياله بصديقة فلان وزوجته وعياله، بل ويمدحهم أمام أهله وعياله ويشعل في نفس زوجته وأولاده التنافسية والغيرة الشديدة معتقداً أن هذا يحفز الآخرين في حبه، وينبههم لوجوده.

-وفي الحالتين أعلاه قد يرفض أحد الزوجين هذه العلاقة لما يراه من تقصير أو إهمال أو غيرة وكثرة مقارنات ليمنع من التمادي في الأمر.

وهنا نقول للزوجين: عليك اختيار الصديق الصالح الذي يعينك على مسؤولياتك الجديدة، ولا تجعل هذه الصداقة تؤثر على حياتك وبيتك وعيالك، ولا يكن لها أثرها السيء على فكرك وحياتك وشخصيتك.

واجعل شعارك مع صديقك: ( نلتقي لنرتقي)

اقرأ أيضاً https://manaranoor.com/raising/friendly-mom/

مشاركة المقال:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إن كان لديك أي مشكلة أو استفسار أو سؤال يمكننا مساعدتك فوراً عبر التواصل سجل اسمك ورسالتك : ​

Contact Form Demo