عدد المشاهدات الكلي 1,992 , عدد المشاهدات اليوم 3
السنة الأولى من الحياة الجديدة التي نخوضها تكون استثنائية دائمًا، منذ خلقنا والرقم واحد من كل شيء يحمل معه الكثير من المعضلات والتحديات، والمواقف، والمشاكل، والمشاعر المختلطة، فالسنة الأولى من حياتنا كأطفال صغار عاشها آباؤنا بكل التفاصيل، عانوا معنا منذ ولادتنا، عاشوا نوبات البكاء، رفض الحليب، بداية المناغاة، ظهور الأسنان، جولات التطعيم، الأحرف الأولى .. الخطوات الأولى..
والسنة الأولى من حياتنا المدرسية، كانت بمنزلة شهادة لنا أننا دخلنا معترك الحياة، أما السنة الأولى الجامعية فكانت كحد فاصل ينهي معاناة المدارس ويفتح باب جنة أو جحيم! سنة أولى عمل تظن في بدايتها أنك انتهيت من كل أنواع الضغط والتعب بعد المشوار الجامعي، لتكتشف فجأة أن حياة الجامعة بضغطها كانت رفاهية، سنة أولى زواج نقلة نوعية في حياتك، تعطي الفرصة لترى المشاكل التي تسمع عنها بطريقة مختلفة، تعيش الفرح بمواسم مختلفة، وتكتشف معنى آخر للحياة، أما سنة أولى طلاق فهي تجربة مختلفة لا يخوضها الجميع، ولا يعرف حجمها إلا من جربها
يشبه الطلاق بشكل عام الانتقال لحياة ضبابية، لذا قلة من يقدمون عليه بملء إرادتهم واقتناعهم، لأن الإنسان يخاف تغيير الشيء الذي اعتاد عليه وإن كان مليئًا بالصعاب والمشاكل، ويفضل البقاء على ما هو عليه على أن يخوض حياة جديدة قد تحمل معها بعض الراحة.
ماذا يحدث في سنة أولى طلاق؟ سيكون الخبر كصاعقة على صاحبه أولاً ولست هنا أخص جنسًا دون آخر، فالأشياء مهما كانت متوقعة حين تتحول لخانة التطبيق يتغير وقعها وألمها، والمرأة بحكم طبيعتها العاطفية سيكون الضرر أكبر عليها
بعد حدوث الطلاق أو الانفصال النهائي يكون من الصواب عدم الحديث مع أحد عن الموضوع لمدة شهر كحد أدنى الأمر الذي يخفف حدة الألم، لا سيما من يحاول معرفة التفاصيل، أو من يعرف الطرف الآخر ويسمع منه ويأتي ليتأكد من الأشياء التي سمعها، في النهاية مجتمعنا مجتمع فضولي لا يهتمّ بالقصة ولا الشرح ولا التبرير؛ كل ما في الأمر أن خبر الطلاق هو حديث الساعة، يدور بين الفارغين في ذلك الوقت، ومن الحكمة الابتعاد عن الفضوليين وأسئلتهم ولعل جواب “مافي نصيب” “ما اتفقنا” يسكت الأسئلة الطائشة، وإن احتاج المرء للبوح لأحد ما، لا بد أن يتسم هذا الشخص بالعقل الراجح ليسند الكتف ويساعد على التوازن ويضع الأقدام على الطريق الصحيح، ويكون ناصحًا أمينًا لا يتعاطف لأجلك ولا يتاجر بالوجع.
- الانشغال بالعمل والدراسة والأنشطة الأخرى يحد من الأفكار السلبية ولوم الذات وتعاظم الشعور بالغضب والخيبة، وسيكون هذا الوقت خصبًا للكتابة، ولممارسة الفن وعزف الموسيقا ولعب الرياضة وإخراج الطاقة التي تجعل الدم يغلي في الشرايين، ويكسر دائرة التفكير التي ندور فيها، فكثرة التفكير لن تغير الواقع.
- العودة للحياة الاجتماعية ومشاركة الآخرين حياتهم دون مبالغة قد يكون عاملًا مساعدًا للخروج من الاكتئاب الذي نسقط فيه حين ننعزل في ظل هذه الظروف، ورغم تجاربنا الكثيرة مع الاكتئاب ورغم وقوعنا في فخه، إلا أن تجاوزه لا يحتاج لأكثر ما يسمى “بالخطوة الأولى” فحقيقة شعور الاكتئاب تبدأ بعدم الرغبة في فعل شيء، لذا فإن التركيز على خطوة البداية في كل عمل سيكون عاملًا مساعدًا لإكمال العمل والمضي قدمًا.
ولعل أسوأ قرار يتخذه المرء في هذه الفترة هو الانقطاع عن العمل، فلا اعتزال العالم سيغير الواقع، ولا الابتعاد سيعيد التوازن، هي مسألة وقت وتعرف على حياة جديدة. قد يكون من الظلم محاكمة النفس والآخر في هذا الوقت، والأفضل ترك السنة الأولى بلا أحكام، فكلا الطرفين يحمل أخطاءً في الطلاق، فالمشاعر المبنية على تبرئة النفس أو نفي الخطأ عنها هي مشاعر كاذبة وتكون كمسكنات فحسب
سيكون من المهمات الصعبة في السنة الأولى الاعتياد على لفظ ” مطلق/ ـة” أو ” طلاق” لأن تجميل اللفظ أو تخفيفه بكلمة “منفصل أو انفصال” لن يغير حدة اللفظ الأول، وسيكون لزامًا علينا الاعتياد على اللفظ الأول والوقت هو الذي سيساعد على تخفيف اللقب وحدته.
المتعب في هذه السنة هو عدم وضوح الطريق والتأني وعدم التعجل والتأكد من ثبات الأرض هو الأسلم والأقل خسارة، فالقرارات المتعجلة في هذه المرحلة قد تؤدي لخسارات أكبر.
أهم خطوة نفعلها في نهاية السنة الأولى هي كتابة الأخطاء التي وقعنا بها في الزواج السابق، وما تعلمناه، فنتائج التجارب هي خلاصة تصنع ذوات جديدة
في النهاية هذا الوقت سيمضي، والدعاء خير معين، ولن أقول انظر لمصائب الآخرين؛ لكنني سأقول كنتُ يومًا في مكانك، وأشعر بك وستصل قريبًا إلى مكاني.
جزاكم الله خيرا مقالة مهمة
حبذا لو أجد دورة مشاعري
أحتاجها بشدة ولا اجدها