عدد المشاهدات الكلي 1,211 , عدد المشاهدات اليوم 2
أسماء الجراد
مستشارة تربوية وأسرية
الاختلاف في الدين ..
الاختلاف في الدين ..
في طور تأملي في الاختلاف بين البشر ، تأخرت كثيراً في الخوض تحت هذا النوع من الاختلاف ..
اليوم وبعد سلسلة طويلة من المنشورات التي طالعتها تحمل التعدي على أفكار واعتقادات الآخرين وتدعو للعنصرية والسخرية والتهكم من أصحابها خرج هذا المنشور ..
منذ أن وُجِدَ البشر على ظهر هذا الكوكب حاولوا التجمع على شكل كينونات تربطهم ببعضهم البعض وتجعل لهم سلطة وكلمة ومكانة في بحر العالم الواسع ..
منهم من اختار الاجتماع القبلي أو العرقي أو الديني أو المذهبي وكان الأخيران هما الاجتماع الأولي لما يحمله من سمات خاصة ومبادئ معينة يلتزم بها جميع أفراده ..
تولّد بعدها اعتقادًا بأن ما يعتنقونه هو الصواب وهو يريد الغلبة له ويسعى بهذا الاتجاه ولو على حساب أرواح غيره وحياتهم وهذه الفكرة الأخيرة تخالف العقل والمنطق والتغالب بين الناس طريقة خاطئة تدفع للظلم وكل الديانات تنبذ الظلم ..
– لا بد أن نعيش ونتعايش :
حاجة الناس للمعايشة وتبادل المصالح دفعت بهم إلى التواصل مع غيرهم من أهل البلاد والديانات ، وحصل أن تفرقت الديانة الواحدة عن عدة مذاهب وكان لابد من تنظيم العلاقة بين كل ديانة مع غيرها ، بل ومع أتباع الطائفة الواحدة في الأجيال المتلاحقة ..
دينك الذي تؤمن به موجود وسيبقى كما ستبقى بقية الأديان موجودة ولو انتقل بعض أو كثير من أفرادها إلى دين جديد لكن الكيان سيستمر وحتى إن اختفى في جيل ربما يعاود الظهور بعد حين في جيل جديد ، للأسف بعض البشر لديهم مكابرة بعدم الاعتراف بهذه الموجودات ظناً منه أنه إن لغاها من قاموسه ستفنى من الوجود .
– إذاً عندما نريد التعامل مع غيرنا علينا أن نفكر بالإنسانية التي تجمعنا معهم بغض النظر عما يحمله عقله من أفكار وقناعات ..
إنه بشر .. له حق العيش والحب والتكاثر والتفكير والاختيار ..
فكيف يحق لي أن أكون وصياً على حياته واختياراته ، وأن أزهق روحه أو اختياره دون أن يشهر عليّ سيفه في غير معركة أو حرب ..
إذا أردت فعلاً أن أغير قناعته فسأعمل جاهداً على دعوته بالحكمة والموعظة والجدال الحسن فإن أبى ورفض فأعرض عنه وأقول :
(لكم دينكم ولي دين )
– احترام أصحاب الديانات الأخرى يبدأ من عدم تمرير الكلمات والأفكار التي تمجد من ديانتك أو تنتقص من اعتقادات الآخرين مهما كنت تعتقد أنها سخيفة أو مشوهة أو مغلوطة في محفلٍ متنوعٍ من البشر ..
فإن فعلت فأنت معرض للإهانة ولا يقبل أحد الإهانة على نفسه فكيف يقبلها على الآخر ..
إذا لا يحق لي مهاجمة تلك المعتقدات المفضية إلى مزيد من الشتائم والموصلة بالآخر إلى التعدي على إلهنا وديننا عَدواً وخطئاً ودون علم فنشترك معه في الإثم كما كنا المحرض على ذلك :
( ولا تَسبُّوا الذين يدعون من دون الله فيَسبُّوا الله عدواً بغير علم *)
للأسف كثيرٌ منا يبدأ هذا الهجوم حتى يخطئ الآخر بحقه فيتحول إلى الدفاع والنزاع .
– خواتيم البشر وصلاحهم ليس على عاتقك ..
حين تؤمن بهذا الأمر وتدقق به جيداً فإنه يدفعك للتعامل معه والتواصل وتبادل الثقافة دون الخوض فيما يسبب الفرقة والنزاع ، (أفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ )
بعض الأتباع سطحيون يتبع التوجيهات لأجل مصالح ظاهرة وقناعات بسيطة وغالب الناس لا يفقه حرفياً تعاليم دينه ، والقلة المتطرفة متشددة لأجل قناعات معينة أو أسباب عاطفية أو رفقة اجتماعية ..
– يراهنني أحدهم أن الدعوة الصحيحة كفيلةٌ بإذابة الكيانات الأخرى وأردُّ قوله بأنه لو كان هذا صحيحاً لاستطاع محمد وأنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم بما يملكونه من أفضل أساليب الحجة والبرهان والمعجزات اكتساح العالم وإفناء الديانات الأخرى ولكن هذا مخالف حتى لما جاء به القرآن : ( وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْض)
– حين ندعو إلى تقبل الاختلاف الديني ليس معناه قبولنا ورضانا واعترافنا بأن الأديان الأخرى على صواب ، أو أننا لسنا على الحق أو أن هناك من الأديان من يسعنا الدخول فيه ، إنما هو دعوة للكف عن السخرية وتبادل الاتهامات والتسفيه والسجالات الحاصلة على مستوى العالم ..
ولا يعتقد أحد أن أهل ديانة معينة هم وحدهم من يمارس ذلك بل كل ذي ملّة يرى أنه على صواب وغيره على خطأ ويرى أن خلاص العالم من الشر هو بالعمل على ما فيه معتقداته ..